كتابات

كتابات (8)

الثلاثاء, 30 أيار 2023 19:56

قصة جحى والخوخ بقلم اياد الإمارة

كتبه

جاء في كتاب "نوادر جحى الكبرى" إن جحى ذات مرة قال للناس إن هناك مَن يوزع ثمار الخوخ على الناس مجاناً وهو يشير إلى مكان ما، ولا وجود لهذا الرجل ولا الخوخ، فهرع الناس بنفس الإتجاه بقوة.. فلما رأي جحى الناسَ وهم يتدافعون أملاً بالحصول على الخوخ "المجاني" قال لنفسه: لماذا لا اذهب مع الناس لعل الأمر يكون واقعاً وأحصل على نصيبي من الخوخ! القصة تبدو غريبة.. أو أنها مجرد مزحة غير واقعية.. ولكنا في بعض الأحيان نتصرف مع آمالنا وطموحاتنا وتوقعاتنا بنفس طريقة "الخوخ" هذه! لم يُكمل لنا صاحب كتاب النوادر بقية القصة.. هل وجد "جحى" الخوخ؟ أم انه عاد بخفي حنين؟ أم بدونهما؟ كان عليه أن يُكمل بقية القصة قبل كل شيء. في بلدنا العراق.. أبو الديمقراطية.. والإنفتاح.. وحرية الإعلام حد الإباحية.. وتعدد وسائل الإعلام ومستخدميها والمستفيدين منها.. تضيع الحقيقة إلى درجة "الضلالة" وتختفي أشياء كثيرة واضحة تماماً! فكم من متهم وهو بريء، وكم من بريء وهو مدان بالدليل، وكم وكم.. ولا أدري مَن يتحمل مسؤولية ذلك؟ هل هو "أنا" المواطن البسيط الذي لا حول له ولا قوة والذي يدعي الجميع خدمته ولا يكترث له كل هؤلاء "الجميع"؟ أم المسؤول غير المسؤول الذي يغير مواقفه وتصريحاته كما يغير سيارته في كل موسم؟ أم وسائل الإعلام ومَن يسولها من حاكمين ومالكين ومتسولين؟

خلال السنوات الأخيرة ، كان يتبادر الى اسماعنا كثيرا موضوع ( المخدرات ) وتفشيها في المجتمع العراقي وخصوصا في محافظة البصرة الحبيبة . وبحكم البيئة التي نعيش في وسطها فكانت المعلومات التي تصل الينا بما يتعلق بالمخدرات شحيحة ومحدودة جدا . إلا انه عندما تم اعتقالي واحتجازي في أماكن يتواجد فيها الكثير من مدمني المخدرات من فئة المتعاطين ( الضحايا ) او من يطلق عليهم بتجار المخدرات ومروجيها والجميع من مواطني محافظتنا البصرة الحبيبة ، فقد إنتابني شعور قوي بانه اذا كانت محافظات العراق الشمالية من الموصل وصلاح الدين والانبار وديالى قد تم إستباحتها من قبل المجاميع الارهابية والداعشية بمختلف توجهاتها فان محافظاتنا الجنوبية تم استباحتها وغزوها بالمواد المخدرة وخصوصا البصرة . المخدرات لمن لايعرفها فهي أنواع مختلفة ، أغلبها طبيعية مثل الهيروين والترياق والحشيشة والأفيون … الخ . وأخطر المواد المخدرة والمنتشرة في محافظة البصرة على وجه الخصوص ويكاد إنتشارها يصل الى ( ٩٥ ٪؜ ) هي المادة المنشطة أو المخدرة المسماة بمادة الكريستال ( وهي مادة صناعية وليست طبيعية ) واسمها العلمي ( المثيل إمفيتامين ) وهذه المادة المنشطة كان سعرها مرتفع جدا لغاية عام ٢٠١٧ حيث وصل سعر الغرام الواحد الى ( ١٠٠ دولار ) في ذلك الوقت . أما بعد عام ٢٠١٧ فقد إزدادت كمياتها بصورة مريبة بحيث أنخفض سعر الغرام الواحد الى ( ٥ الاف دينار عراقي ) في محافظة البصرة . وهنا ممكن ان نتخيل العدد الكبير جدا من المواطنين الذين بامكانهم شراء هذه المادة وتعاطيها بسبب رخص سعرها وسهولة الحصول عليها …. ولمنع تفشي ظاهرة إنتشار المواد المخدرة داخل المجتمع العراقي فقد شرع البرلمان العراقي قانونا للعقوبات والمسمى ( قانون المؤثرات العقلية رقم ٥٠ لسنة ٢٠١٧ ) . ولغاية هذه اللحظة هناك تساؤلات كثيرة يمكن أن تطرح تتعلق بهذا القانون ؟؟؟؟ فهل تم تشريعه من قبل أعضاء البرلمان فقط أم تم أخذ رأي الخبراء في هذا الموضوع مثل السادة القضاة أو القانونيين المتخصصين وهل تمت دراسة التداعيات المستقبلية عند تطبيق هذا القانون وتأثيره على المجتمع وخصوصا على الفئة من المجتمع التي تتعاطى والمدمنة على المواد المخدرة وخصوصا مادة الكريستال ؟؟؟؟؟؟ وبصورة موجزة تتراوح العقوبات المفروضة في هذا القانون كالتالي : أ) فئة المتعاطين ( المدمنين - الضحايا ) سجن سنة ونصف وتسقط عدة أشهر من هذه المدة عند دفع غرامة مالية مقدارها ( ٥ أو ٦ أو ٧ ملايين دينار عراقي ) …. ب) فئة المروجين - سجن ثلاثة سنوات إضافةً الى دفع غرامة مالية تصل الى ( ١٠ ملايين دينار عراقي ) . ج) فئة التجار - سجن خمس سنوات وشهر إضافة الى دفع غرامة مالية تصل الى ( ١٠ ملايين دينار عراقي ) . والعقوبات اعلاه تبدأ بالتزايد والتشديد عند تكرار الجريمة …. الذي رأيته وعايشته بنفسي كمعتقل تنقل بين مختلف أماكن الاحتجاز العائدة للأجهزة الأمنية في محافظة البصرة ، إن هناك جهود جبارة تبذل لمكافحة تفشي المخدرات من قبل الأجهزة الأمنية المختصة وقضاة محاكم التحقيق وقضاة محاكم الموضوع بفرعيها جنح وجنايات وخصوصا مكافحة تفشي وانتشار مادة الكريستال . وإن هناك خطورة كبيرة على حياة من يتعامل مع قضايا المخدرات من ضباط وقضاة ، كون ان هناك نسبة كبيرة من المتعاطين يميلون الى العنف والمصادمة والإنتقام بسبب التوهم المرضي الذي يعيشون فيه عند تعاطي مادة الكريستال ….. وهنا لابد أن يتم دراسة وطرح التساؤل التالي ؟؟؟؟ هل إن تطبيق قانون المؤثرات العقلية رقم ( ٥٠ ) لسنة ٢٠١٧ كان إيجابيا أو إن هناك مبالغة كبيرة في الأحكام القضائية الصادرة وهل إن هناك توازن بين تطبيق هذا القانون والمشاكل الاجتماعية الناشئة عنه وهل ان هناك حاجة لتعديله وإعطاء مرونة أكبر للسادة قضاة محكمة الموضوع في إصدار الأحكام للحالات الانسانية . رأيي الشخصي كمواطن من خلال التعايش مع أغلب المحكومين من فئة المتعاطين ( الضحايا ) … فإنني أميل الى التشديد في تطبيق هذا القانون بشرط واحد … أن يكون عراقنا ، عراق المقدسات وعراق نبوخذنصر وحمورابي قويا ومصانة حدوده الخارجية وغير مباحة لجميع دول الجوار وأجهزتها المخابراتية . أما في ظل الوضع الحالي مع عراق ضعيف وممزق وتتقاذفه التيارات المختلفة وحدود مباحة للجميع وعدم وجود قدرة مستقبلية على الحفاظ والسيطرة على حدود العراق …. فأنني أعتقد إن قانون المؤثرات العقلية لن يحل المشكلة وأصبح بمثابة إصدار عقوبة للمجتمع فقط . علما ان الغاية التي من أجلها شرع هذا القانون لم تتحقق . حيث إن أغلب المحكومين من فئة المتعاطين هم نفسهم يرجعون للسجون مرة ومرتين وثلاثة وممكن أن يكون المحكوم متعاطيا في المرة الأولى ويعود في المرة الثانية بتهمة التجارة بمعنى ان العقوبة المفروضة لم تحقق الإصلاح في المجتمع . لذلك فانني أناشد رؤوساء محاكم الاستئناف الاتحادية وكذلك رؤوساء هيئات محاكم الجنايات لكتابة تقارير وإحصائيات مفصلة عن هذه القضية الخطيرة ومن خلال تجاربهم العملية عند تطبيقهم لهذا القانون . وهل إن هناك إمكانيات لإدخال بعض التعديلات على نصوص هذا القانون وإدخال المرونه الإنسانية فيه من خلال التخفيف من شدة الأحكام القضائية وهناك أمور كثيرة ممكن أن يقترحها السادة القضاة كونهم أكثر تعمقا في هذا الجانب . الذي تم ملاحظته أيضا من خلال اللقاء الشخصي مع المئات من المحكومين من فئة المتعاطين ( الضحايا ) ومن فئة المروجين ومن فئة التجار وكذلك من خلال الإطلاع على المئات من مقتبسات الأحكام القضائية ، ان أعداد المتعاطين لمادة الكريستال وبمختلف الأعمار ( أطفال - شباب - كبار السن ) كبير جدا وينذر بكارثة مجتمعية مستقبلا وان هناك الكثير من العوائل في حالة ضياع وإنهيار بسبب احتجاز ابناءهم . ان اعداد المتعاطين وصلت لأرقام خيالية وخرجت عن أي توقعات علما ان جميع المحكومين من فئة المتعاطين ( الضحايا ) معروف عالميا ان حل مشكلتهم تكون بتوفير مصحات لمعالجة الادمان وليس وضعهم وتكديسهم في السجون فقط ونحن في البصرة نفتقر لهذه المصحات . أما من يطلق عليهم بتجار المخدرات ومروجيها فالذي عايشته إن أعداد قليلة جدا ممكن ان تنطبق عليهم مفردة ( تاجر ) فهناك من يتم القبض عليه وهم الأغلبية ومعهم غرامات محدودة من مادة الكريستال ويصنفون ضمن فئة التجار أما التجار الكبار جدا والمعروفة أماكن تواجدهم في المناطق النائية في أطراف البصرة فيصعب الوصول اليهم . كذلك من خلال الإطلاع على واقع السجون العراقية ومشكلة الازدحام فيها بسبب أعداد مدمني المخدرات الكبير … فاصبح من الضرورات التفكير جديا لإصدار ( قانون العفو العام ) ، ويمكن وضع محددات وشروط لضمان عدم ضياع الحقوق العامة والخاصة عند إصدار مثل هذا القانون . أو إصدار تعليمات للإفراج عن المحكومين الذين تبقت على إكمال مدة محكوميتهم عدة أشهر ، فهذا سوف يقلل من ظاهرة الإكتظاظ داخل السجون بسبب الإفراج عن ألاف المحكومين عند إصدار مثل هذه التعليمات . الحرية يطلبها الجميع … والله ولي التوفيق …

الجمعة, 01 تشرين1/أكتوير 2021 19:43

الاعيب نيابية !!بقلم الكاتب عبدالله السعد

كتبه

أعلنت المحكمة الاتحادية العليا، الاربعاء 2021/9/29، قبول طعن الحكومة الاتحادية بفقرة تم إدراجها من قبل مجلس النواب في قانون الموازنة العامة لعام 2021، تقضي بتأسيس صندوق في جميع المحافظات المنتجة للنفط الخام او النفط المكرر او الغاز، يسمى بـ (صندوق البترو دولار)، يدار من قبل المحافظ المعني، على ان يتم تمويله شهرياً من زيادة فرق السعر الحاصل بأسعار بيع النفط الخام عما مثبت عليه في المادة (1/ أولاً / ب) من قانون الموازنة، ويضاف لأصل المبالغ المثبتة في المادة (2/ أولاً / 5)، وفقاً لأحكام نفس تلك المادة.

وهو أمر كنت على يقين من حدوثه بعد نشر قانون الموازنة العامة لعام 2021 في جريدة الوقائع العراقية، ذلك اني اعلم جيداً ان إدراج هذه الفقرة في القانون لم يكن في حقيقته سوى محاولة بائسة من اعضاء مجلس النواب الممثلين للمحافظات المنتجة، لتبرير فشلهم وعجزهم عن انتزاع حقوق المحافظات التي يمثلونها من أنياب حكومة إقليم كردستان.

وتوضيحاً للأمر يتوجب عليّ ابتداءً الاشارة الى ان سعر برميل النفط الذي يتم اعتماده في قانون الموازنة انما هو سعر تخميني يعتمد لغرض بناء الموازنة.

وإن المادة 111 من الدستور العراقي قد نصت على التالي :- النفط والغاز هو ملك كل الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات.

كما ان البند (أولاً) من المادة 112 من الدستور العراقي قد نص على التالي :- تقوم الحكومة الاتحادية بإدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة، على أن توزع وارداتها بشكلٍ منصفٍ يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع أنحاء البلاد، مع تحديد حصة لمدةٍ محددة للأقاليم المتضررة، والتي حرمت منها بصورةٍ مجحفة من قبل النظام السابق، والتي تضررت بعد ذلك، بما يؤمن التنمية المتوازنة للمناطق المختلفة من البلاد، وينظم ذلك بقانون.

وبما ان هناك نسبة محددة من ايرادات مبيعات النفط والغاز قد تم تخصيصها للإقليم والمحافظات المنتجة وفقاً لأحكام المادة (2/ أولاً/5)، المؤشرة في الوثيقة المرفقة (وثيقة رقم 1)، فإن ما ورد في المادة (2/ أولاً/ 8)، "موضوع الطعن"، المؤشرة في الوثيقة المرفقة (وثيقة رقم 2) هو مخالف لأحكام القانون والدستور، ذلك ان النسبة المحددة وفق المادة (2/أولاً/ 5) تمنح للإقليم والمحافظات المنتجة وفقاً لمبيعات النفط والغاز، بحسب الاسعار العالمية، وليس وفقاً للسعر المعتمد في قانون الموازنة.

كما وان النواب قبل غيرهم يعلمون ان اي وفرة مالية تتحقق من مبيعات النفط والغاز تذهب باتجاه تغطية العجز في قانون الموازنة، وفقاً لما نصت عليه المادة (2/ ثانياً/1)، المؤشرة في الوثيقة المرفقة (وثيقة رقم 3)، وبالتالي فإن المادة (موضوع الطعن)، التي تم ادراجها من قبل اعضاء مجلس النواب في قانون الموازنة العامة لعام 2021، لم تكن في حقيقتها سوى واحدة من الالاعيب النيابية التي يعمد اليها اولئك النواب والقوى السياسية التي يمثلونها لتبرير فشلهم في مواجهة حكومة اقليم كردستان ومن يمثلها في مجلس النواب، عبر إيهام ابناء المحافظات المنتجة بأنهم قد انصفوا المحافظات المنتجة (خارج اقليم كردستان)، بإقرارهم لهذه المادة، بدليل انها لم تشمل الاقليم، مثلما تم شموله في نص المادة (2/ اولاً / 5).

 

السبت, 04 أيلول/سبتمبر 2021 12:02

الانسان والصنمية المقيتة بقلم محمد الكعبي

كتبه

لقد أحدث الإسلام  بمفاهيمه وأحكامه_ التي لا تنافي و لا تضاد  في ملاكاتها_ تحولاً شاملاً وانقلاباً عظيماً في المفاهيم السلبية التي حكمت الانسان بجاهليتها المقيتة، والتي وطّئته باقدامها وسحقته بعنجهيتها فجعلته اعمى لايرى النور  وجاهل لايعي قيمة العلم، حيث عاش ذليلا حقيرا مكبلا بقيود الصنم المتنفس والمقدس المزيف الذي يملي عليه ارائه وافكاره ويحركه أنا يشاء، فافنى عمره في صومعة يتعبد اله غير الله ويسجد لغير رب السماء، فتاه في صحراء الجهل والانحطاط، فتسافل، حتى عاش الندية مع خالقه فادعى الربوبية{ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمْ الأَعْلَى}، فعصى وتمرد وقتل ابناء جلدته من اجل دنيا فانية، فهبط إلى مستوى الأسفليّة، تاركاً مقام الأحسنيّة، فجاء الدين ليحي فيه البعد النوراني ليخرجه من تكبّره وتجبّره ويدخله في دائرة الحق ليكون مستحقاً  لتمثيل الرب في عالم الخلق. الاسلام يحاكي فطرة الانسان لأنه يتناغم مع متطلباته الروحية والجسدية، فجعل القيمة العليا التقوى فهي عنوان التمايز والتفاضل، {...إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}، وجعل رفعته بالعلم بعد الإيمان،{...يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِين َآمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}،  وفضله بالجهاد  لما به من إصلاح وحماية للفرد والمجتمع وإعلاءً لكلمة الحق، حيث إن الجود بالنفس أقصى غاية الجودِ {.. وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عظيماً } الجهاد بالنفس، القلم، العلم، الكلمة، البناء الحضاري والانساني والاخلاقي الذي يجعل الانسان انسانا بانسانيته بعيداً عن الوحشية بكل أنواعها الفكرية والمادية ليكون خليفة الله في الارض. الحزب والمنصب والمال مسائل اعتبارية عارضة، والعاقل هو من يعرف قيمة الايمان ويمتثل لتعاليم السماء من خلال  ابراز الحق وتطبيق العدالة، لقد حاول رسول الله(ص) أن يبني الإنسان بغض النظر عن لونه وعرقه وقوميته، وأراد الله تعالى لهذا المخلوق العجيب في تركيبته والبعيد في اطواره  والواسع في مخيلته حراً كريماً وله الريادة والحاكمية على الارض من خلال منحه الاختيار والارادة، لكن البعض إبى الا العبودية للصنم، فسجد للمنصب وعبد الحزب وسبح للمسؤول، فعطل عقله وحبس نفسه في ذل العبودية، فاحتقرته الدنيا ولم تعر له اهمية، فاصبح يستجدي الرغيف من قاتله ويطلب العون من غاصبه، وهذا هو الخائن وستلعنه الاجيال حتى بعد موته. لعمرك ما الإنسان إلا بدينه ** فلا تترك التقوى اتكالا على النسب لقد رفع الإسلام سلمان الفارسي**  وقد وضع الشرك الشريف أبا لهب. كن حرا بفكرك وانتماءك ولاتسمح للاخر أن يقودك بجهله، وكن قائداً لنفسك وعبدا لربك عندها ستعرف معنى الحرية وستكفر بكل الاصنام مهما كانت مغلفة.

تكمن اهمية ميناء الفاو في موقع العراق الجغرافي الذي يمثل الحلقة البرية المنبسطة وسهلة التضاريس والمعالم والاقرب للربط بين اسيا والخليج مع قارة اوربا سواء كان عبر الجو او البر المتمثل بعبور الشاحنات والربط السككي والذي بدوره يعتبر الاسرع والاسهل والاكثر امناً بين وسائط النقل والاقل تكلفةً من حيث اجور النقل واجور التأمين على المسافرين والبضائع وكذلك من اكثر وسائط النقل القادرة على نقل حمولات بنقلة واحدة وايظل تمثل الخطوط الملاحية الجوية ذات الاهمية والميزة لانها توفر مدة زمنية تصل من 30-20 دقيقة كأختصار للرحلات الجوية بين اوربا والخليج وكذلك بين دول بعض دول القوقاز وايران مع قارة افريقا الامر الذي يفسر اهمية العراق الاقتصادية والسياسية وارتباط تاريخه باحداث عسكرية وسياسية واطماع دولية واقليمية وكانت جميع اطراف هذه الاحداث بينها عامل مشترك هو الربط اللوجستي عبر وسائط النقل المتعددة بين العراق واوربا لادامة سلاسل النقل والامداد العسكري والتجاري وكان لميناء الفاو والربط السككي الحصة الاكبر للاهتمام والتخطيط والذي لا يقل اهمية عن نفط العراق وموارده الطبيعية لدى اطراف الاحداث التاريخية والمعاصرة ولا يمكن عزل اهمية واستراتيجية ميناء الفاو عن الربط السككي لانهما يكملان بعضهما الاخر في اهمية هذا المشروع الذي يمثل حلقة الوصل الاكثر اهمية في طريق الحرير او اي طريق اخر منافس له والحديث عن العدول الى طريق اخر عبر ايران او سوريا ما هو الا تلويح فقط ومشروع صعب التنفيذ لاسباب طبيعية بسبب الجبال والتضاريس الوعرة لتلك الدولتين وطول المسافة التي ينبغي ان تحقق الهدف المرجو والتي قد تصل الى 4 اضعاف مثيلتها في العراق مما يعدم الجدوى الاقتصادية للمشروع في حال الذهاب الى خيار سوريا وايران وقد لا اكون مبالغاً اذا وصفته بالخيار المستحيل اما فيما يخص الربط السككي مع دول الجوار فهو مهم للمشروع ولكن ينبغي ان يتم اتخاذه كوسيلة وورقة ضاغطة على الدول الراغبة بالربط السككي والصين وامريكا للحصول على امتيازات اقتصادية وامنية واعادة النظر بترسيم الحدود البرية والبحرية والحصص المائية والحقوق العراقية في ابار النفط المشتركة لان الربط السككي مع دول الجوار فيه منفعة لتلك الدول اكثر من فائدته للعراق حيث ستقتصر منفعة العراق على إيرادات الترانزيت فقط مع التزام العراق بتوفير حماية امنية للبضائع المارة داخل الاراضي العراقية والبنى التحتية لخطوط السكك الحديدية وكل ما يتعلق بها من اجراءات السلامة الدولية القياسية وان الضغوطات التي يتعرض لها العراق لغرض الربط السككي حالياً رغم عدم وجود بنى تحتية سككية حالياً ما هو الا خطوات استباقية لدول الجوار للحصول على الربط السككي في موضع قوتهم وضعف الموضع العراقي وبالتالي عدم امكانية طلب امتيازات تتناسب مع حجم الموضوع الامر الذي يتطلب تضمين اتفاقيات الربط السككي شروط وفقرات واضحة ورصينة وفقرة هامة وثابتة بعدم منح الاعفاءات المالية والضمانات الامنية من العمليات الارهابية الدولية وكذلك تحديد نوع الترانزيت هل هو ترانزيت نقل المسافرين ام نقل البضائع ام كلاهما وكذلك ينبغي وضع تعرفة عالية جداً للترانزيت السككي مع وضع تعرفة معتدلة لنقل البضائع من ميناء الفاو الى باقي امصار العالم لضمان إستقطاب الحمولات البحرية لترسوا في ميناء الفاو وتكون اجور الرسو والتفريغ والتحميل في ميناء الفاو معتدلة مع خدمات مينائية وبحرية عالية المستوى وبتكنولوجيا متقدمة لكي لا يكون الربط السككي مع دول الجوار سبباً في افراغ ميناء الفاو من قيمته لوجود بنى تحتية واسبقية لدول الجوار في مجال الخدمات البحرية والمينائية تفوق مثيلتها في العراق للاسف وحسب تقديري المتواضع اقترح عدم الدخول في اي مشروع ربط سككي حالياً لحين اكمال مشروع بناء ميناء الفاو ومطالبة الدول الراغبة بالربط السككي بتكفل بناء الخطوط السككية من حدودها الى الوجهات الراغبة في الوصول اليها او المساهمة فيها وحسب المعايير الدولية القياسية مع ضرورة ان يكون البناء السككي بطريقة خطوط الذهاب والاياب مع التخطيط لمد انابيب موازية للخطوط السككية لتصدير الغاز والنفط لدخول السوق الاوربية لامدادات الطاقة حيث توجد امكانية وصولها براً الى برلين اما فيما يخص طريقة احالة عقد مشروع ميناء الفاو بطريقة التجزئة وليس بطريقة تسليم مفتاح بعض النطر عن الجهة الطريقة التي احيل الميناء لها لغرض التنفيذ فحسب تقديري البسيط فيها تقزيم وتشتيت للمشروع فالمشروع لا يتمثل ببناء ارصفة فقط وانما خدمات المناولة والارشاد والادارة الالكترونية والجباية الإلكترونية والمدينة الاقتصادية والمدينة الصناعية والطبية والرياضية والاولمبية والمطار الدولي والمدينة السياحية والنفطية والتي ينبغي ان ترتبط جميعها بنظام الكتروني ذكي موحد واذا ما اجزء المشروع بهذه الطريقة ذهبت قيمته وستظهر مشاكل تقنية كبيرة بالتصميم والتنفيذ والادارة المستقبلة وقد نشهد تعارض بين مفاصل المشروع مستقبلاً وضعف في التنسيق واجراءات الحوكمة والرقابة والجباية والسلامة العامة وكان يفترض الحرص والسعي لاحالة المشروع بالكامل بغض النظر عن الجهة المحال اليها واما التبرير بمشاكل التمويل فهنالك عدة طرق لايجاد التمويل دون الحاجة للاقتراض منها على سبيل المثال الدخول في شراكة مع وزارة النفط والاعلان عن جولات تراخيص لاستخراج النفط والغاز في شبه جزيرة الفاو والسواحل البحرية وتخصيص ايراداتها لتمويل المشروع بالكامل (مشروع مدينة الفاو الاقتصادية) والتي تبلغ الكلفة التخمينية لانشاء هذا الصرح العملاق 8-10 مليار دولار ينجز على مدى 5 سنوات او اكثر بقليل من ضمنها مصافي نفطية عملاقة وشركة تصدير الغاز الطبيعي وكذلك يتطلب الامر كما اقترحته سابقاً للحكومة عام 2017 بأن يتم انشاء تشكيل اداري جديد تحت مسمى الهيأة العامة او الشركة العامة لمدينة الفاو الاقتصادية يرأسها موظف بدرجة مدير عام او وكيل وزير ولها مجلس ادارة وقانون خاص باعتبار ان المشروع سيساهم في تغيير الخارطة الجيواقتصادية والجيوامنية والسياسية للمنطقة والعراق وسيكون منطلق علاقات سياسة ايجابية محورية مع كافة دول الجوار والعالم لارتباط المصالح الاقتصادية بالمصالح السياسية والامنية ووثاقتها وكذلك يمكن تمويل المشروع من خلال الشراكة مع الكويت وتاسيس الشركة العراقية الكويتية الاقتصادية وجعل مينائي مبارك وميناء الفاو مشروع اقتصادي واحد متكامل بتمويل كويتي بدون فوائد مقابل الشراكة والربط السككي وتكون نسبة العراق 60‎%‎ لما يتمتع به العراق من ميزة الربط السككي وامتلاكه له رغم انني ارجح الشراكة مع وزارتي النفط والنقل على الشراكة مع اي دولة اخرى مع ملاحظة ان المبلغ السنوي الذي يتوجب رصده لا يزيد عن مليار دولار واحد فقط سنوياً ويمكن توفير هذا المبلغ من خلال ضبط ايرادات المنافذ الحدودية ودقة جباية الرسوم والكمارك والضرائب والمبالغة في اسعار استيراد السلع الخدمية والادوية والهدر بالمال العام والفساد المالي والاداري والخروقات الامنية التي تسبب اضرار اقتصادية مع ملاحظة قرب انتهاء وتسديد الديون والتعويضات الكويتية المفروضة على العراق بسبب اجتياح نظام صدام لها في اب عام 1990 الامر الذي يمكن تحويل مبلغ التعويضات الى تمويل المشروع واتمنى ان يكون الربط السككي مع دول الجوار احد اسباب استعادة حقوقنا في شط العرب وروافده المائية واستعادة جزء من حدودنا البحرية والملاحية والبرية التي سلبت في اتفاقية خيمة صفوان او بسبب الهفوات ان وجدت والتي صاحبت ترسيم الحدود مع الكويت بعد عام 2003 لاسباب تقصيرية متعمدة او قصور في المعرفة

لم تكن تلك النصيحة التي انطلقت من عبد الله بن عباس لامير المومنين (عليه السلام) نصيحة عابرة من اجل استمالة الزبير وطلحة وضمهم الئ صف الامام علي (عليه السلام) ابان الصراعات الاولئ من صدر الاسلام, وقد كان جوهر هذه النصيحة ان يسلم الامام علي (عليه السلام) العراق بموجبها للزبير واليمن لطلحة وبذلك يسحب البساط من تحت اقدام المتمردين, الا ان الجواب كان صارما, وينم عن حنكة الامام علي ع؛ حيث قال لايمكنني ان اسلم العراق؛ لان فيه المال  والرجال _اي فيه طاقة مادية وطاقة بشرية_ فلايمكن التضحية بهذا الموقع تحت اي فكرة اخرى ، نعم هناك أسباب أخرى منعت أمير المؤمنين ع من التعاطي مع مقترح ابن عباس منها ديني ومنها سياسي ومنها اجتماعي. العراق منذ القدم يحتل مكانة كبرى في الحدث العالمي. ولا اريد استعرض مكانة هذا البلد تاريخيا بقدر ما اريد الاشارة الى بعض النقاط المهمة والمعاصرة التي توكد اهمية هذا المكان في الحدث المعاصر . لقد بات العراق محل انظار العالم والكل يترقب احداثة, ولا يمر يوم الا وفيه  حدث يأ خذ صداه في الاعلام والاروقة الدولية؛ وهذا نتيجة عوامل  عديدة  جعلت منه محوراً مهماً  في المتغيرات الدولية؛ حيث أصبح محل انظار العالم.  ومن العوامل التي ساعدت  في أهمية العراق هي: * الموقع الجغرافي الحساس الذي يعتبر ممرا مهما بين دول العالم، حيث  تحيط به دول سنية وشيعية، عربية وغير عربية؛ مما جعله محل للنزاعات والصراعات والتفاهم والاختلاف والاتفاق حسب الظروف والاحداث . حيث عوامل القوة والضعف كان لها تاثيراً في كثير من المواقف. * ان لوجود الثروات الطبيعية  كالنفط والغاز وغيرها الكثيرة والمتنوعة جعله محط أطماع القوة العالمية. * وجود الاضرحة والاماكن المقدسة والمقامات والمعابد لمختلف الديانات والمذاهب جعله محل أهتمام العالم ومركز استقطاب لمختلف الناس.  * أن لتنوع الشعب العراقي ــ بين شيعة وسنة وعرب واكراد ومسيح وباقي الديانات والمذاهب ــ  له دوراً  كبيراً في سياسة الدول العربية والإسلامية والغربيةـ *  وجود  النسبة العالية من الشباب فيه، يعتبر العراق من البلدان الشبابية وهذه الخصيصة مهمة في الحسابات السياسية. * تفوق العقل العراقي ونباهته وتميزه باغلب الانشطة، يعتبر العقل العراقي من العقول النابضة المفعمة بالنشاط والعمل اذا اسثمرت بشكل صحيح. * شخصية الفرد العراقي  القادرة  على التكيف  بمختلف الظروف, يتميز الشعب العراقي بالقدرة على التحليل والتحول وغيرها من المزايا التي يطول شرحها. * يعتبر العراق المركز المحرك لجميع المنطقة ، استقراره استقرار للجميع, واضطرابه اضطراب للجميع، مما جعلة محل لكثير من التدخلات الخارجية، وما كان لقول رسول الله (ص) التي تنم عن قرائة موضوعية دقيقة حيث قال (الكوفة جمجمة العرب ورمح اللَّه تعالى وكنز الإيمان فخذ عنهم). * فقدانه القيادة السياسية الحكيمة على مر تاريخه المعاصر؛ مما جعله ساحة لصراع اقليمي عالمي، ساعد على ذلك وجود قيادات غير وطنية ، بل كان اغلبها مستوردا من هنا وهناك. العراق يعتبر نقطة التقاء القارة الاسيوية مع القارة الاوربية متمثلة بتركيا من الشمال, كذلك يعتبر نقطة التقاء بين الدول العربي والدولة الفارسي حيث تحده ايران شرقا. وهو ايضا نقطة التقاء العالم الشيعي بالعالم السني ... ولعل هذه النقاط التي اشار اليها كرستوفر السفير الامريكي في العراق تدل على عمق القراءة الامريكية لهذا الموقع الحساس.  بعد هذه المقدمة، نسلط الضوء على بعض الظواهر والحالات والمواقف التي  برزت بعد 2003 م خصوصا عند النخبة السياسية المتصدية  للعمل الحكومي والاجتماعي التي تستحق الوقوف عندها وتحليلها ومنها :  الاستقواء السياسي ، التهميش، التبعية،  المحاصصة،  الاسئثار بالسلطة، وعدم وجود خطط استراتيجية مما ادى إلى ظهور  مشاكل كبيرة ومتعددة ومختلفة,  وقد تجذرت وتعمقت تلك المشاكل في الاوساط السياسية, مما كان لها  أثراً واضحاً  على النظام السياسي والاجتماعي والاداري والثقافي في المجتمع؛ حتى أصبح المجتمع متحزبا من حيث يشعر أو لايشعر. ان السياسات الخاطئة أو الغير مدروسة المقصودة وغير المقصودة ، كان أثرها واضحا من حيث تقسيم وتوزيع المناصب الحكومية للمتحزبين والغير اكفاء, فتصدع  البناء السياسي والاداري والاجتماعي , وبان الخراب جلياً أمام العيان.  كانت  نتيجة ما تقدم فقدان الكثير من الاموال والجهد والوقت حيث عاش اغلب أفراد الشعب العراقي حالة البطالة والتيه والجوع والعوز والمرض والاتكال على الغير؛ مما جعل البعض يشعر بحالة التخبط والانهزامية وفقدان الامل بالاصلاح بسبب الكتل السياسية التي تحكمت بمفاصل الدولة واحكمت قبضتها. وهذا بسبب الفشل في طريقة  أدارة الدولة. لقد كان الفشل واضحاً على المستوى الخارجي والداخلي, بل حتى على مستوى أبسط الحقوق، كل هذا نتيجة  فقدان التفكير السليم لادارة البلد والتي تحتاج إلى رجال دولة وهذا طبعا غير متوفر في اغلب المتصدين للمشهد السياسي فكان له تداعيات خطيرة، ومن المشاكل التي برزت:   التنصل عن المسؤولية والقاء اللوم على الاخرين: حيث أصبحت  هذه الظاهرة  واضحة للعيان  ويتناولها المجتمع ويعرفها ويتكلم بها  بجلساته الخاصة والعامة, لنأخذ هذه الظاهرة أنموذجاً ونسلط الضوء عليها فنقول مثلا: اغلب الكتل السياسية تتفق على قانون أو مشروع معين وتصوت  عليه ــ طبعا غير مدروس دراسة وافيه وهذا بسبب قلة الخبرة والكفائة والاختصاص وعدم وجود رجال يفكرون ببناء دولة ــ وبعد أن ينكشف فشل هذا القرار أو المشروع نرى اغلب الكتل السياسية تتنصل عن مسؤلياتها وترمي التهمة على غيرها باعذار وحجج تافهه تنم عن فقر سياسي.  مثال آخر الكل يطالب محاربة الفساد والاستبداد حتى خرج الشعب العراقي بالشوارع يعبر عن رايه واستيائه من الطبقة الحاكمة، والغريب أن الشارع العراقي تفاجأ  ان الكتل السياسية المشاركة بالحكومة  ايضا تطالب بنفس المطالب، كانما الشارع خرج على الفساد الموجود في كوكب المريخ، وهذا أسلوب سمج تتبعه احزاب السلطة.  بعض الكتل السياسية تطالب بالتغيير الحكومي ومحاربة الفساد وتقديم الفاسدين الى العدالة علما ان هذه الكتل نفسها مشاركة بالحكومة بل هي جزء من المشكلة وليس من الحل، كل هذا والشعب يراقب ويستغرب من هذا الاسلوب.  مما تقدم نقف أمام خيارات وتحليلات تجعل المراقب يحاول أن يصل إلى نتيجة لمعرفة طريقة تفكير سياسيوا العراق الجديد،  لذا انقسم المراقبون السياسيون وعلماء النفس والاجتماع من هذه الظواهر التي برزت من رجال السياسة الجدد إلى عدة أراء فمنهم من يقول أنها: * كتل بارعة بالسياسة وتريد ان تبرأ نفسها من الفشل المحتمل لكي تحافظ على جماهيرها ومكاسبها ولاتكون بلائمة، فتُحمل الاخرين مسؤولية الفشل، وتقوم بدور المنقذ أو المطالب للشعب وتطلعاته.  * انها كتل لا تتحمل مسؤولية أخطائها و قراراتها وتعيش حالة الانهزامية والجبن السياسي.  * انها كتل ضعيفة فاقدة للثقة بنفسها، حيث تركت الامر بيد غيرها وتركت استحقاقاتها الدستورية. * كتل سياسية لا تثق بجماهيرها فتخاف منهم لذا تتنصل عن مسؤولياتها وتحاول أن تبرر مواقفها وترمي التهم على الاخرين. * انها كتل براكماتية ـ الغاية تبرر الوسيلة، والسياسة فن الممكن ـ فتحاول ان تجلب المكاسب وتبتعد عن الخسائر، وهذا الكلام فيه من الصحة الشيء الكثير ، نعم انها كتل مصلحية وتقدم مصالحها الحزبية على كل شيء ولكن لم نلاحظ منها اي تفوق بجانب خدمي أو اداري مما يجعلنا نجزم انها كتل تبحث عن مكاسبها الخاصة بعيدة عن تطلعات الشعب . * كتل لا تملك روية حقيقية ولا سياسية لانها جديدة على العمل السياسي، كما لا تمتلك الخبرة الكافية. * كتل مناورة تحاول ان تكسب جميع الاطراف السياسية مع الحفاظ على مكاسبها دون أن تفقد جماهيرها.  النتيجة:  هذه الطريقة  من التعاطي السياسي للكتل، افقدها احترامها امام أغلب أبناء الشعب بل وامام خصومهم السياسيين حيث بات السياسي الاخر لا يعير أي اهمية للسياسيين العراقيين. * فتحت المجال للغرباء ان يتحكموا بالبلد ويمرروا  ما يريدون، والكتل السياسية عاجزة عن الاعتراض لانها فقدت قدرتها وقيمتها. * فتح المجال أمام الاخرين ببناء مدنهم وتمرير القرارات التي تصب في مصلحة البعض دون البعض كل هذا على حساب الاكثرية!   حتى على المستوى المحلي والإقليمي والدولي نجد السياسي الاخر محترم،  وأغلب  سياسينا لا يعار لهم اي اهمية بل منهم من يحتجز في المطار ومنهم من يحقق معه في هذا البلد وذاك، و منهم من لا يسمح له بدخول بعض البلدان العربية البسيطة والفقيرة فضلا عن البلدان المتقدمة وهذا نتيجة المقدمات الخاطئة التي انتهجها البعض في التعاطي مع الوضع الجديد للعراق. * قلت الخبرة وضعف الشخصية وركاكة في  المنظومة المفاهيمة  السياسية والادارية لبعض القادة والسياسيين.   يدرك المتابع ان أغلب السياسيين يعيشون عقدة النقص و الخوف من الفشل نتيجة الماضي الذي كان يعيشه أغلب رجال المعارضة  من خوف و جوع واضطهاد  وحرمان والاحساس بالدونية من قبل الاخر  أثر على شخصياتهم وطريقة تعاطيهم مع المواقف والمناصب الحساسة في البلد بل حتى على تفكيرهم.   ليس عيباً  ان نتعلم ونستفيد من تجارب الاخرين ونأخذ ما ينفعنا ونطور مهاراتنا وقدراتنا وهذا لايتحقق الا بترك الانانية والنرجسية الوهمية ونحتاج الى مراجعة حقيقية و دقيقة وجادة  بدون رمي الاتهامات على الاخر ولا نعيش وهم  نظرية المؤامرة الخارجية، علينا قبول النصيحة والتوجية ـ  كما اشارت المرجعية المباركة في أحدى خطبها ــ  ونجابه الواقع الجديد بكل مافيه من إرهاصات ومشاكل لنستطيع النهوض بالمسؤولية، علينا قبول الخسارة كما نقبل الفوز فهذه هي السياسة، علينا ان نتعلم كيف نناور وكيف نفاوض وكيف نقرر. ينبغي  تأهيل رجال أكفاء وأهل أختصاص للعمل السياسي  والاداري والاجتماعي  وخصوصا في المراكز المهمة والمتقدمة في البلد من خلال ادخالهم دورات تخصصية ومكثفة في التنمية البشرية وتطوير الذات وفن القيادة والعمل والفكر  حتى يعيد السياسي العراقي ثقته بنفسه ويترك لغة الانهزامية والاختباء خلف الكواليس لكي يستطيع ان ينهض من جديد،  لابد أن ينسى السياسي  الماضي بكل ذكرياته المؤلمة عليه ان ينسى انه معارض بل ينبغي أن يستشعر انه رجل دولة . لابد أن نواكب المتغيرات ونقتنع اننا جزء منها واننا الاهم في المعادلة الجديدة، ينبغي ان يعيش المتصدي للعمل الجماهيري والقيادي  روح القائد والمسؤول والراعي للجميع ويتسع بفكره وتخطيطه ليشمل الجميع ولا يقوقع نفسه بجهة أو كتله.  التجرد عن الازدواجية مهم جدا في العمل الرسالي والسياسي، لكن اليوم مع الاسف أصبحت الازدواجية من خواص السياسة، علينا ان نعيش روح الديمقراطية وسلمية تبادل السلطة، والاستعانة بأهل الخبرة والاختصاص ولابد من مشاركة الاخرين بالقرار والنصح والتوجيه والاستشارة  وترك التعنت والتعجرف والتزمت، عندها نكون قد نجحنا في اختبار السلطة وإدارة الدولة والا فلا.

دخلت المنطقة بعد عام 2003م، مرحلة تأريخية مفصلية من حيث الصراع والتحولات الكبيرة على المستوى الداخلي والخارجي، تزامناً مع صعود تيارات سياسية وسقوط حكومات، وخروج الشارع العربي من سباته مطالباً بحقوقه, وقد شهد الفكر السياسي العربي تطوراً نسبياً ملحوظاً من خلال تعاطيه مع المتغيرات ومجريات الاحداث وتراكمية التجارب والمواقف التي مرت عليه، ولعالم التكنلوجيا الفضل الكبير في كشف الكثير من الاسرار والاحداث والتي غيرت الكثير من المفاهيم والقناعات والسلوكيات التي كانت بالأمس القريب حاكمة على كثير من مساحات الفكر الانساني وفتحت المجال لدخول الانسان في عوالم لم يكن يعرفها أو حتى يسمع عنها بسبب القيود السابقة. أن تسارع الاحداث وتنوع الثقافات والمعلومات وكثرتها ودخولها لكل مكان وبدون رقيب أدى إلى تشابك المفاهيم واختلطت المعايير وتزاحمت الافكار عند الكثير من الناس، وبسبب التكرار والتأكيد والتلاعب بالصور والمعلومات والكذب والخداع، وإلباس الباطل لباس الحق، عاش الانسان في صراع اثبات الهوية، حيث تلاشت الخصوصيات واضمحلت، بل عبرت الحدود مما جعله يفقد البوصلة الحقيقية التي ترسم له الخط المستقيم الذي ينبغي ان يسير عليه ليحقق النجاة والسعادة التي يبحث عنها، ورغم كل هذا اخذ يسال ويتحقق ويناقش ويطلب الكثير وقد قابله دخول العالم الغربي بثقله في ساحة الصراع مستخدماً كل امكاناته من أجل بسط نفوذه على المنطقة وبث ثقافته ونظرياته التي يريد تسويقها وقد أجاد التسويق. لأجل مواكبة العالم لابد من توفر العلم واستثمار ما نملك من مقومات، وقيل في العلم هو (الدليل على السراء والضراء، والسلاح على الأعداء، والزين عند الأخلاء، يرفع الله به أقواما ويجعلهم في الخير قادة)، فبه نواجه الاعداء وبه ترتفع بلداننا وتحقق التطور المستدام، ويجعلنا حاكمين لا محكومين، ومتبوعين لا تابعين، وأهم مقومات الدولة والمجتمع المتحضر العلم، ولا يكون ذلك بفوضوية التعليم، بل التعليم المُمَنهج المنبثق من أسس علمية سليمة مع الاستمرار والتشجيع والتطوير وهو حق لجميع أبناء البشر. أن بقاء الفاشلين على رأس الهرم التعليمي ينذر بالخراب وخصوصا في زمن أصبح فيه من يملك العلم يملك القرار ويتحكم بالاقتصاد والسياسة والامن المحلي والعالمي، لابد من ان نخرج من دائرة الاهمال والتقليد وندخل في مرحلة الابداع والانتاج والتجديد، المبدع من يغير الواقع ويصنع من اللا شيء أشياء ولا يقف عند حد معين، نحن اتباع دين يقول {أقرأ}، أن العالم يتقدم وبسرعة فلابد من دخول حلبة المنافسة ونحن نملك الادوات التي تحقق لنا الفوز بشرط تطوير أدواتنا وتصحيح مقدماتنا وبرامجنا ونحتاج إلى تنمية القدرات الفردية والجماعية لمجتمعنا من خلال الدورات والورش العلمية، السياسية، الثقافية، التنموية وفتح مراكز الدراسات التخصصية المتنوعة، والجدية في تصحيح الاخطاء، وعلينا ان نعرف بماذا وكيف يتطور الاخرون ونستفيد منهم، والعمل على أنزال الافكار إلى الواقع وفتح المجال للكفاءات والخبرات وهذا يحتاج إلى ثقة بالنفس وجهد ومتابعة وترتيب أوراقنا مع ترك الانانية وعدم الاستسلام وتقبل النقد عندها ممكن ان نقول اننا على الطريق الصحيح.

تعيش بعض دول المنطقة حالة من تهميش الكفاءات وتقريب المسافات لكل انتهازي متملق مع انفلات السلاح وفقدان الخطط الجادة لبناء دولة القانون وتهديد الاصوات الوطنية المنادية بالاصلاح، مع ارتفاع صوت البندقية والذي ازعج الجميع، فضلا عن التدخلات الخارجية والتي أربكت وازمت المشهد، مما يجعلنا امام مرحلة تأريخية حرجة إن لم نخرج منها منتصرين فلن تقوم لنا قائمة، فلابد من النهوض بالمسؤولية الوطنية من خلال بناء مجتمع متعلم يحترم وجوده. يحاول البعض فك العقد الاجتماعي بين ابناء الامة الواحدة من خلال بث الفتن والاحقاد ليُدخلوا الناس في دوامة الصراع والنزاع، وتأسيس حكومة المحاصصة التي ارهقت المجتمع، ينبغي التصدي لهكذا مشاريع خبيثة والتي تحتاج منا إلى وعي وتحكيم لغة العقل والحوار وترسيخ مفهوم التعايش السلمي تحت مضلة القانون وتفعيل المشتركات من أرض وتأريخ ودين وثقافة ولغة، وينبغي تفعيل دور المصلحين والعقلاء و العلم ونبذ الجهل والتعصب الاعمى، وبث روح التسامح وعدم الاستماع لدعاة الفتنة، وعلينا تقبل الاخر وإن أختلف معنا، فالحوار والجدال بالتيهي الوسيلة الوحيدة للوصول إلى بر الامان. الاحزاب والتيارات السياسية الحالية التي تتحكم بالمشهد السياسي بقوة السلاح والمال والرجال في حالة احتضار وموت سريري وسيأتي من يسحقها، وان نجمها نحو الافول، وستتشضى وتتقزم، وستتقاتل في ما بينها حتى تنتهي ولا يبقى منها سوى الاسم، ولكل بلد حيثياته وظروفه ومتغيراته الخاصة والتي تتحكم به حسب تعاطيه معها، مثلا العراق سيشهد متغيرات كبيرة وأنحسار لدور الاحزاب خلال مدة لا تتجاوزعام ٢٠٢8م تقريباً، بسبب احتكارها للسلطة وعدم مشاركتها الاخرين في رسم مستقبل البلد، وتعاملها بعقلية الاقصاء، ولاتعيش روح الفريق الواحد ولاتهتم بالمشاركة والبناء، بل أدخلوا انفسهم والبلد بإطار يصعب الخروج منه، وعدم استطاعتهم تقديم نموذج الدولة العصرية، فضلا عن فشلهم في أدارتها. تعتقد بعض الاحزاب أنها تمتلك نصف آلهة مقدسة تحصنها من الانهيار والتراجع، وبعضها لا يملك أي مشروع سياسي أو رؤية واضحة بل المحاصصة والولاء للخارج وتقسيم المناصب حسب الولاءات والانتماءات مما عمق جذور الاختلاف والصراع وتسليط غير الاكفاء على مناصب حساسة مما ادى إلى فقدان هيبة الدولة وضياع خيراتها واستشراء الفساد في مفاصلها، اما اذا ارادت تلك الاحزاب تفادي السقوط فينبغي عليها مراجعة وتحديث برامجها، وتتصالح مع ذاتها، وتبدأ بتغيير مناهجها وشخصياتها المترهلة وتفكر بعقلية بناء وطن، وتشارك الناس همومهم وحاجاتهم وتتخلى عن عرشها الورقي الذي يحترق بعود ثقاب صغير، وانشطار الاحزاب أو تاسيس احزاب (ظل) ليس حلاً بل يؤزم الامر ويزيد الفجوة بين المجتمع والاحزاب. على الجميع ان يقرأ التاريخ بتمعن ليعي الدرس ولا يعيش وهم القداسة وفيما إذا كان يملك نصف آلهة، فالنصف الترابي سيكشف الزيف ويزيح الستار، ويظهر العورات ويسقط الآلهة , التأريخ والاجيال لاترحم.